فصل: مناسبة الآيتين لما قبلهما:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والشَّأْنُ مصدرُ شَأنَ يَشْأَنُ شَأَنَه، أي: قَصَد يَقْصِدُ قَصْدَه، وأصلُه الهمز، ويجوز تخفيفه. والشأن أيضًا الأمرُ، ويُجْمع على شُؤُون.
وقوله: {إِلاَّ كُنَّا} هذه الجملةُ حاليةٌ وهو استثناء مفرغ، وولي إلا هنا الفعلُ الماضي دون قد لأنه قد تقدَّمها فعلٌ وهو مُجَوِّز لذلك.
وقوله: {إذ} هذا الظرفُ معمولٌ لـ {شُهودا} ولمَّا كانت الأفعالُ السابقةُ المرادُ بها الحالةُ الدائمةُ وتنسحب على الأفعالِ الماضيةِ كان الظرفُ ماضيًا، وكان المعنى: وما كنت، وما تكون، ولا عَمِلْتم، إلا كنا عليكم شهودًا، إلا أفضتم فيه. وإذ تُخَلِّصُ المضارعَ لمعنى الماضي.
قوله: {وَمَا يَعْزُبُ} قرأ الكسائي هنا وفي سبأ {يَعْزِب} بكسرِ العين، والباقون بضمها، وهما لغتان في مضارع عَزَبَ، يقال: عَزَب يَعْزِب العين، ويَعْزُب، أي: غابَ حتى خفي، ومنه الروضُ العازِبُ. قال أبو تمام:
وقَلْقَلَ نَأْيٌ مِنْ خراسانَ جَأْشَها ** فقلتُ اطمئنِّي أَنْضَرُ الروضِ عزِبُه

وقيل للغائب عن أهله: عازِب، حتى قالوا لمن لا زوجَ له: عازب. وقال الراغب: العازِبُ: المتباعِدُ في طلب الكلأ. ويقال: رجل عَزَبٌ وامرأة عَزَبة، وعَزَب عنه حِلْمُه، أي: غاب، وقوم مُعَزَّبون، أي: عَزَبَتْ عنهم إبلُهم، وفي الحديث: «من قرأ القرآن في أربعين يومًا فقد عَزَب»، أي: فقد بَعُد عهدُه بالخَتْمة. وقال قريبًا منه الهروي فإنه قال: أي: بَعُدَ عهدُه بما ابتدأ منه وأبطأ في تلاوتِه، وفي حديث أم مَعْبد: والشاءُ عازِبٌ حِيال، قال: والعازِب: البعيدُ الذهابِ في المَرْعَى.
والحائلُ: التي ضَرَبَها الفحلُ فلم تَحْمل لجُدُوبة السَّنة. وفي الحديث أيضًا: «أصبحنا بأرضٍ عَزيبةٍ صحراءَ»، أي: بعيدةِ المرعى. ويقال للمال الغائب: عازِب، وللحاضرِ عاهِن. والمعنى في الآية: وما يَبْعُد أو ما يخفى أو ما يَغيب عن ربك.
و{مِنْ مِثْقال} فاعل، و{مِنْ} مزيدةٌ فيه، أي: ما يبعد عنه مثقالُ. والمثْقال هنا: اسمٌ لا صفةٌ، والمعنيُّ به الوزنُ، أي: وزن ذرة.
قوله: {وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذلك ولا أَكْبَرَ} قرأ حمزة برفع راء {أَصْغر} و{أكبر}، والباقون بفتحها. فأما الفتحُ ففيه وجهان، أحدهما: وعليه أكثر المُعْربين أنه جَرٌّ، وإنما كان بالفتحةِ لأنه لا يَنْصَرف للوزن والوصف، والجرُّ لأجلِ عطفِه على المجرور وهو: إمَّا {مثقال}، وإمَّا {ذرة}. وأمَّا الوجهُ الثاني فهو أنَّ {لا} نافيةٌ للجنس، و{أصغر} و{أكبر} اسمُها، فهما مَبْنيان على الفتح. وأمَّا الرفعُ فمن وجهين أيضًا، أشهرهُما عند المُعْربين: العطفُ على محل {مثقال} إذ هو مرفوعٌ بالفاعلية و{مِنْ} مزيدة فيه كقولك: ما قام مِنْ رجل ولا امرأة بجرِّ امرأة ورَفِعْها. والثاني: أنه مبتدأ، قال الزمخشري: والوجهُ النصبُ على نفي الجنس، والرفع على الابتداء ليكون كلامًا برأسِه، وفي العطفِ على محل {مثقال ذرة}، أو على لفظ {مثقال ذرة} فتحا في موضع الجرِّ لامتناع الصرف إشكالٌ؛ لأنَّ قولَك: لا يَعْزُب عنه شيءٌ إلا في كتاب مشكل. انتهى. وهذان الوجهان اختيار الزجاج، وإنما كان هذا مُشْكلًا عنده لأنه يصير التقدير: إلا في كتاب مبين فيعزبُ، وهو كلامٌ لا يصحُّ. وقد يزول هذا الإِشكالُ بما ذكره أبو البقاء: وهو أن يكون: {إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} استثناءٌ منقطعًا، قال: {إِلاَّ فِي كِتَابٍ}، أي: إلا هو في كتاب، والاستثناءُ منقطع. وقال الإِمام فخر الدين بعد حكايته الإِشكالَ المتقدم: أجاب بعضُ المحققين مِنْ وجهين، أحدهما: أن الاستثناءَ منقطع، والآخر: أن العُزوبَ عبارةٌ عن مُطْلق البعد، والمخلوقاتِ قسمان، قسمٌ أوجده اللهُ ابتداءً مِنْ غير واسطةٍ كالملائكة والسمواتِ والأرض، وقسمٌ أوجده بواسطةِ القسم الأول مثلِ الحوادث الحادثة في عالم الكون والفساد، وهذا قد يتباعدُ في سلسلةِ العِلِّيَّة والمعلولِيَّة عن مرتبة وجود واجبِ الوجود، فالمعنى: لا يَبْعد عن مرتبة وجوده مثقالُ ذرة في الأرض ولا في السماء إلا وهو في كتاب مبين، كتبه الله وأثبت فيه صورَ تلك المعلومات.
قلت: فقد آل الأمرُ إلى أنه جَعَله استثناءً مفرغًا، وهو حال من {أصغر} و{أكبر}، وهو في قوة الاستثناءِ المتصل، ولا يُقال في هذا: إنه متصل ولا منقطع، إذ المفرَّغُ لا يُقال فيه ذلك.
وقال الجرجاني: {إلا} بمعنى الواو، أي: وهو في كتاب مبين، والعربُ تضعُ إلا موضعَ واو النسق كقوله: {إِلاَّ مَن ظُلِمَ} [النساء: 148]: {إِلاَّ الذين ظَلَمُواْ مِنْهُمْ} [البقرة: 150]. وهذا الذي قاله الجرجانيُّ ضعيفٌ جدًا، وقد تقدَّم الكلامُ في هذه المسألة في البقرة، وأنه شيءٌ قال به الأخفش، ولم يَثْبُت ذلك بدليل صحيح. وقال الشيخ أبو شامةَ: ويُزيل الإِشكالَ أن تُقَدِّر قبلَ قوله: {إِلاَّ فِي كِتَابٍ} ليس شيء من ذلك إلا في كتاب وكذا تقدِّر في آية الأنعام.
ولم يُقرأ في سبأ إلا بالرفع، وهو يُقَوِّي قولَ مَنْ يقول إنه معطوف على {مثقال} ويُبَيِّنه أن {مثقال} فيها بالرفع، إذ ليس قبله حرفُ جر. وقد تقدَّمَ الكلامُ على نظير هذه المسألة والإِشكالُ فيها في سورة الأنعام في قوله: {وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ} [يونس: 59]، إلى قوله: {إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [يونس: 59]، وأنَّ صاحبَ النظم الجرجانيَّ هذا أحال الكلامَ فيها على الكلامِ في هذه السورة، وأن أبا البقاء قال: لو جَعَلْناه كذا لفَسَدَ المعنى، وقد بيَّنْتُ تقريرَ فسادِه والجوابَ عنه في كلام طويل هناك فعليك باعتبارِه ونَقْلِ ما يمكن نَقْلُه إلى هنا. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.قال في ملاك التأويل:

قوله تعالى: {وما يعزب عن ربك مثقال ذرة في الأرض زلا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين} وفى سورة سبأ: {عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين} وقال فيما بعد: {قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وماله منهم من ظهير} للسائل أن يسأل عن تقديم الأرض على السماء في سورة يونس وعكس ذلك في الموضعين من سورة سبأ؟
والجواب عن ذلك والله أعلم: أن آية يونس مقصود فيها من تأكيد الاستيفاء والاستغراق مالم يقصد في الأخريين وإن كان العموم مراد في الجميع إلا أن آية يونس قضت بزيادة التأكيد ولذلك تكررت فيها مع ما قبلها ما النافية المتلقى بها القسم في قوله: {وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا ليكم شهودا} فقوى بذلك قصد تأكيد الاستغراق وتضمين الكلام معنى القسم فقال تعالى: {وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة} بزيادة من في الفاعل وهى مقتضية معنى الاستغراق في مثل هذا وبناؤها على ما المتلقى بها القسم بفهم ما قلناه من معنى القسم وتأكيد الاستغراق بل أقول إن من في مثل هذا نص في ذلك.
قال سيبويه رحمه الله: إذا قلت ما أتانى رجل فإنه يحتمل ثلاثة معان أحدها أن تريد أنه ما أتاك رجل واحد بل أتاك أكثر من واحد والثانى ما أتاك لاجل في قوته ونفاذه بل أتاك الضعفاء والثالث أن تريد ما أتاك رجل واحد ولا أكثر من ذلك فإن قلت ما أتانى من رجل كان نفيا لذلك كله هذا معنى كلامه والحاصل منه أن من في سيلق النفى تعم وتستغرق.
ثم إنه قد تقدم قبل هذه الآية قوله تعالى: {وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه} فدخول من في المفعول في الموضعين من قوله: {وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل} فزيدت في المفعول وهو اسم نكرة وارد في سياق النفى وذلك محصل للاستغراق ثم حمل عليه قوله تعالى: {وما يعزب عن ربك مثقال ذرة...} الآية فناسب هذا تقديم ذكر الأرض على السماء لأن السماء مصعد الأمر ومحل العلو ومسكن الملائكة وهى مشاهدة لهم ومستقبل الداعين منها ينزل الأمر ورزق العباد وفيها الخزنة من الملائكة واليها يصعد بأرواح المؤمنين ويعرج الملائكة السياحون في الأرض المسؤولون عن أفعال العباد فكان العلم بما فيها أجلى وأظهر وكان العلم بما في الأرض أخفى وهذا بالنظر الينا وبحسب متعارف أحوالنا وإلا فعلم بارينا سبحانه بما في الأرض وما في السماء على حد سواء كما أن علمه بالسر والجهر مستو: {سواء منكم من أسر القول ومن جهر به} ولكنا إنما خوطبنا على أحوالنا وبما نتعاهده ونتعارفه من المعانى والصفات ولذلك ورد في القرآن التعجب والدعاء والترجى وغير ذلك فخوطب العباد بما يتعارفون ويألفون فيما بينهم.
فهذا بيان ما تقدم.
فلما كانت الأرض بالنسبة إلى اسمها فيما ذكرنا كان أمرها أخفى وكان أمر السماء أوضح وأقرب من حيث ذكرنا خوطب الخلق على ذلك فقدم ذكر ما هو عندنا كافة أخفى فقيل عند قصد المبالغة في تأكيد الاستغراق والقسم على ذلك: {وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء} ونظير هذا الوارد هنا قوله تعالى: {ربنا إنك تعلم ما نخفى وما نعلن وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء} وهذه الآية في الذي تعطيه من إفهام القسم والاستغراق والابتداء بما هو عندنا أخفى كآية يونس من غير فرق وعلمه سبحانه بما خفى عندنا أو ظهر سواء تعالى ربنا عن شبه الخليقة.
فإن قيل فإن قوله سبحانه: {وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين} قد اجتمع فيه زيادة من الاستغراقية بعد ما النافية المشيرة إلى معنى القسم كما في الآيتين وقد تقدم فيه ذكر السماء بخلاف ما في الآيتين؟ قلت لما تقدم هذا قوله تعالى: {وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون} وقد تقدم في سبأ إحراز التسوية من غير فرق فقدم ذكر السماء وإنما كانت تكون كالآيتين لو لم يتقدمها ما ذكر وإذ قد نبين وجه تقديم الأرض في آية يونس فنقول ان الآيتين من سورة سبأ لما لم يتقدم فيهما ما تقدم في آية يونس مما يحرز تأكيد العموم والاستغراق ولم يكن فيهما داع من المعنى لتقديم الأرض على السماء ثم ان ورود السماوات بلفظ الجمع يحرز في الآيتين من سورة سبأ معنى العموم والاستغراقى إذ هو مراد في كل هذه الآيات الواردة في هذا الغرض فأعطاه وأحرزه في آية يونس وآية إبراهيم ما نجر في هاتين الآيتين من محرز معنى القسم والاستغراق وأعطاه وأحرزه في آيتى سبأ ما ورد فيهما من جمع السماوات وجاء كل على ما يجب ويناسب. اهـ.

.من لطائف القشيري في الآية:

قال عليه الرحمة:
{وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآَنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ}
خوَّفَهم بما عرفَّهم من اطلاعه عليهم في جميع أحوالهم، ورؤية ما سيفعلونه من فنون أعمالهم. والعلْمَ بأنه يراهم يوجِبُ استحياءَهم منه، وهذه الحال المراقبة، والعبد إذا عَلمَ أن مولاه يراه استحي منه، وتَركَ متابعة هواه، ولا يحُوِّم حَوْلَ ما نهاه، وفي معناه أنشدوا:
كأنَّ رقيبًا منك حَالُّ بمهجتي ** إذا رُمتُ تسهيلًا عليَّ تَصعَّبَا

وأنشدوا:
أُعاتِبُ عَنْكَ النَّفُسَ في كلِّ خَصْلَةٍ ** تعاتبني فيها وأنت مقيم

{وما يعزُبُ عن ربك من مثقال ذرة}: وكيف يخفى ذلك عليه، أو يتقاصر علمه عنه، وهو منشئُه وموجِدُه؟ وبعض أحكامه الجائزة مخصصة، وإنما قال: {إلاَّ في كِتَابٍ مُّبِينٍ}: ردَّهم إلى كتابته ذلك عليهم- لعدم اكتفائهم في الامتناع عمَّا نُهُوا عنه- برؤيته وعلمه. اهـ.

.تفسير الآيات (62- 63):

قوله تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63)}

.مناسبة الآيتين لما قبلهما:

قال البقاعي:
ولما تقدم أنه سبحانه شامل العلم، وعلم- من وضع الأحوال ما لا يتسع ومن لا تسع مجرد أسمائهم الأرض في كتاب مبين أي مهما كشف منه وجد من غير خفاء ولا احتياج إلى تفتيش- أنه كامل القدرة بعد أن تقدم أنهم فريقان: صادق في أمره، ومفتر عليه، وأنه متفضل على الناس بعدم المعاجلة والتأخير إلى القيامة، وخوّف المفتري عواقب أمره عاجلًا وآجلًا، ورجىّ المطيع، كان موضع أن يقال: ليت شعري ماذا يكون تفصيل حال الفريقين في الدارين على الجزم؟
فأجيب بأن الأولياء فائزون والأعداء هالكون ليشمر كل مطيع عن ساعد جده ويبذل غاية جهده في لحاق المخلصين وتحامي جانب المفترين بقوله تعالى مؤكدًا لاعتقادهم أنهم يهلكون حزب الله وإنكارهم غاية الإنكار أن يفوتوهم: {ألا إن أولياء الله} أي الذين يتولون بالطاعة من لا شيء أعز منه ولا أعظم ويتولاهم: {لا خوف} أي ثابت عال: {عليهم} أي من شيء يستقبلهم: {ولا هم} أي بضمائرهم: {يحزنون} أي يتجدد لهم حزن على فائت لأن قلوبهم معلقة بالله سبحانه فلا يؤثر فيهم لذلك خوف ولا حزن أثرًا يقطع قلوبهم كما يعرض لغيرهم، وفسرهم بقوله: {الذين آمنوا} أي أوجدوا هذا الوصف المصحح للأعمال وبه كمال القوة العلمية: {وكانوا} أي كونًا صار لهم جبلة وخلقًا: {يتقون} أي يوجدون التقوى، وهي كمال القوة العملية في الإيمان والأعمال ويجددونها فإنه لا يقدر أحد أن يقدر الله حق قدره؛ وانتهى الجواب بقوله: {إن الذين يفترون على الله الكذب}- الآية، وهذا الذي فسر الله به الأولياء لا مزيد على حسنه، وعن علي رضي الله عنهم: هم قوم صفر الوجوه من السهر عمش العيون من العبر خمص البطون من الخوى. وقيل: الولي من لا يرائي ولا ينافق، وما أقل صديق من كان هذا خلقه، وصح عن الإمامين: أبي حنيفة والتبيان أن كلًا منهما قال: إن لم يكن العلماء أولياء الله فليس لله ولي.
وهذا في العالم العامل بعلمه كما بينته عند قوله في سورة الزمر: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون} [الزمر: 9]. اهـ.